تخطى الى المحتوى

ما هي الضغوط التي يواجهها حارس روضة أطفال في الخرخير؟

فؤاد الفرحان
فؤاد الفرحان
ما هي الضغوط التي يواجهها حارس روضة أطفال في الخرخير؟

لا يوجد مؤسس أعمال إلّا ومرّت عليه فترات صعبة ومصيرية في مسيرة مشروعه، يجد نفسه تطرح عليه فيها أسئلةً وجوديةً حول مشروعه وجدواه.
المسؤولية التي يستشعرها المؤسس تجاه مشروعه، موظفوه، المستثمرون، والعملاء، تكاد تكسر ظهره من ثقلها.
يتساءل بينه وبين نفسه: ما هذا الذي أدخلت نفسي فيه؟ لماذا بدأت أصلاً في هذا الطريق؟ لماذا لم أختر أن أكون موظفاً في جهة ما، تكون مسؤولياتي فيها محدودة وبسيطة، وأعيش باقي اليوم خارج الدوام في راحة بال من دون ضغوط؟

تصل به الضغوط ربما ليتمنى لو أنه كان مثلاً حارس روضة أطفال في الخرخير.
والخرخير هي بقعة نائية جداً جنوب الربع الخالي يسكنها 500 أسرة.
لو كان فيها روضة أطفال، فوظيفة حارسها ستكون الوظيفة الأقل ضغوطاً في العالم؛ حيث يعمل مع مجموعة أطفال لا يشكلون أدنى ضغوط عليه، شكاويهم تدور حول سرقة بعضهم لألعاب بعض، يتعامل معهم لسويعات من الزمن، ويقضي باقي اليوم متأملاً في الصحراء والسماء، خالياً من أي مسؤوليات جادة تذكر، ودخله الشهري مضمون.

هذه الضغوط النفسية هي ضريبة جرأة المؤسس على الحلم، وهي جزء أصيل لا مفرّ من مروره بها في تجربته كمؤسس يبني حلمه الكبير.
هذه الضغوط هي ضريبة القيادة، تصيب عالي الهمّة، الذي يستشعر المسؤوليات، ويرحب بها، يرى بأن الحياة قصة مغامرة عظمى يريد أن يغترف منها نصيبه من التجارب.

بعد إطلاق المؤسسين لمشروعهم، يجدون أنفسهم لمدة تطول لسنوات أحياناً أو تقصر، وهم في وادي الموت، وهو وادي قاسٍ صعب المناخ، زادهم فيه قليل، ومسيرتهم شاقة، يخرجون منه مؤقتاً بعدما يتمكنون من موائمة خدمتهم/منتجهم مع السوق.
وبعد خروجهم وانتصارهم الأول، يدخلون في وادي موت آخر، وهم في مرحلة التوسع السريع، ولهذا الوادي الجديد معالم وتضاريس وتحديات أخرى تختلف عن الوادي الأول.

إن مسيرة المؤسسين هي سلسلة متصلة من الأزمات والصداع والقلق المستمر، هي مسيرة مواجهة تحديات وحلّها، تحديات تطوير المنتج/الخدمة على نحو مناسب للسوق، تحديات الوصول للعملاء وإقناعهم، تحديات استقطاب الموظفين المناسبين، تحديات إقناع المستثمرين، وتحديات التوسع المناسب في سرعته وشكله لإمكانياتهم وقدراتهم.

دور المؤسسين الذي لا يمكن لغيرهم القيام به هو حل المشكلات، مواجهة التحديات، المحافظة على معنويات الفريق، ضبط البوصلة، وقيادة السفينة.
ومعالجة هذه الأمور تتطلب صبراً وجلَداً وهدوءاً ورسوخاً كالجبال، وهذه الصفات لا يمتلكها كل الناس بطبيعة الحال.
وليس غريباً عندما يواجه المؤسس كل ذلك أن يشعر بأنّ الأمر لم يكن كما يتوقع، وأنه أكبر من قدراته وعزيمته، فينسحب ويستسلم، وليس في ذلك عيباً ما دام قرر أن يتخلّى عن حلمه، ويعتزل هذا الطريق.
أمّا إن كان متمسكاً بحلمه، فعليه أن يعلم بأن لحظات اليأس والأسئلة الوجودية هذه، هي من طبيعة المشوار، وأن يتقبّل وجودها إن نزلت عليه، ويجيب عليها تجاه نفسه بأجوبة مقنعةً له، ثم ينصرف عنها مركزاً على العمل.

يجب أن يكون لدى المؤسسين جلَداً يفوق جلد الفاجر، ويقيناً يوازي يقين المؤمن، صملةً تقارع الجبال، ويقيناً بأن نجاحهم محسوم بإذن الله ما داموا لم يستسلموا، وما زالوا يجترحون الحلول حلاً وراء آخر حتى يجدوا الحل المناسب بتوفيق الله.
الحقيقة التي واجهوها أخيراً في لحظات الشك الوجودية هي أن النجاح يحتاج وقتاً أطول مما كانوا يتوقعون ويخططون، وأنّ عليهم أن يخوضوا ماراثوناً، وليس سباق 400 متر كما كانوا يظنون.
لا بأس، عليهم السماح بتلك الحقيقة أن تستقر في أعماقهم، ثم الترحيب بخوض الماراثون والمواصلة بعد التوكل على الله.


تدوينات أخرى

للأعضاء عام

لا يوجد نقص في أعداد المشاركين بتعليق المشانق!

قررت يوماً -بكامل إرادتي وقواي العقلية- أن أتنازل عن حقي الأصيل في الحديث حول الأمور والتجارب التي لا تعجبني، تركت هذه المهمة في السوشل ميديا إلى باقي البشر هناك، وقد كان أحد أجمل القرارات الشخصية.

لا يوجد نقص في أعداد المشاركين بتعليق المشانق!
للأعضاء عام

في حب أبحر، ولماذا لم أنتقل إلى الرياض!

بنيت منزلي في "أبحر" قبل 12 عاماً، اخترت قطعة أرض قريبة من أطول برج في العالم، تعثّر البرج، وأظنه مات، ولكن جمال الحيّ ازداد مع السنوات

في حب أبحر، ولماذا لم أنتقل إلى الرياض!
للأعضاء عام

أفضل جهاز للقراءة الالكترونية لم يعد الكندل، أهلاً بالأنيق Palma

اعتدت كل عام أن أهدي نفسي شيئاً ما مميزاً في عيد رمضان، وهذا العام كنت محظوظاً بشدة عندما اشتريت هذا الجهاز البديع.

أفضل جهاز للقراءة الالكترونية لم يعد الكندل، أهلاً بالأنيق Palma