لا شيء مميز في هذا اليوم إلاّ ربما أنه عيد ميلادي
لا شيء مميز في هذا اليوم إلاّ ربما أنه عيد ميلادي. سنة أخرى على قيد الحياة قولاً وفعلاً. أنا من الجيل الذي تمر عليه السنوات بدون أن يتوقف كل عام للاحتفال بعيد ميلاده لأنه ببساطة لا يكاد يتذكره. سبب عدم الاحتفال في أساسه لأنه مفهوم غير متوارث في ثقافتنا العائلية أو القبلية، ولاحقاً في مرحلة الصحوة أضيف له التحريم لمشابهة الكفار كما قيل.
رغم أنه لم يعد الكثير يقول بالتحريم في السنوات الأخيرة ولم يعد يشدد عليه، إلاّ أن ذلك لم يؤثر في تغيير العادة التي نشأ كثير منّا عليها بنسيان هذا اليوم أو ببساطة تجاهله. برأيي هي مسألة في غاية الخصوصية الفردية، هناك من يرى بالفعل أن الاحتفال شيء مهم ويحتفل به مع محيط العائلة والأصدقاء. وهناك من هم مثلي لا ينتبهون له إلا إذا فاجأهم أحد بالتهنئة!
في عيد ميلادي الأربع وأربعون هذا، انتبه أربعة أشخاص فقط لعيد ميلادي اليوم. اثنان منهما لا أعرفهما بشكل شخصي، يبدو أنهما قاما بزيارة حسابي في تويتر فانطلقت البالونات المعروفة مشيرةً لعيد ميلادي فأرسلا التهنئة مشكورين. الثالث شخص استعمر مكانة خاصة في القلب والعقل فليس غريباً عليه، والرابع صديق من وراء المحيطات أكرمني برسالة.
هناك الكثير مما أشعر بالامتنان نحوه ولا أفكر حتى بالتجرؤ على تعداده، فأفضال الله لا تعد. ربما من أهم النعم التي استشعرها هي نعمة البركة في الوقت والجهد، ونعمة الصدق مع الذات. صحيح أنني أضعت بعض الوقت في أمور لم أكن صادق مع نفسي بتواجدي فيها واهتمامي بها، ولكن أشعر أنني أعدت السيطرة على حياتي وتصالحت مع ذاتي، وعوضت ما فات بشكل أفضل مما توقعت.
عندما أنظر للخلف، أستطيع بسهولة تقسيم مراحل حياتي لمراحل واضحة، محدداً الأحداث المفصلية والانتقالية التي مررت بها. كما يمكنني تمييز وسرد الدروس والعبر التي خرجت بها من كل مرحلة وما تعلمته منها.
نتائج كل هذه المراحل والتجارب والدروس هي ما أنا عليه اليوم. وأنا اليوم أشعر بأنني شخص لا بأس به، يضيف للحياة بطيب خاطر وقناعة أكثر مما يحاول أن يأخذ منها.
أحاول أن لا أفعل إلا ما أنا مقتنع به، وأن لا أقول إلا ما أنا مؤمن به، أن يسبق فعلي قولي، وأن لا يناقض قولي فعلي، أن أقول شكراً بقدر ما أستطيع ولا أتوقع الشكر، أن أترفّع عن الأحقاد والضغائن فهي محرقة، أن أصبر على القريب والصديق لحفظ الود، وأتجاهل الحاقد المتربّص فنفسه وحياته كفيلة به، أن لا أخطئ في حق أحد بقول أو فعل، أن لا تخدعني ركائب الزيف والخداع، أن أتمسك بمبادئي، أحرس أحلامي، أحافظ على إنسانيتي، أداري شمعة الأمل داخلي، أن لا أنكسر..