تعامل مع الويكند كإجازة صيف حتى تعود صباح الدوام بوجه صبوحي يفتح النفس
أجمعت الأمّة على أن الخميس -والبعض يسمّيه الونيس- يكاد يكون أجمل أيام الأسبوع، ولكنه لم يكتسب ذلك الإجماع إلا لأنه بوابة "الويكند".
وقد وقعت مؤخراً على محاولات تعريب للويكند، وأعجبني اقتراح أ. صالح العمري "الوجيزة"، وكذلك "الأجيزة" كما رأى د. سليمان العيوني.
وحتى يبدأ انتشار أحد المصطلحين، سأبقي على استخدام المصطلح الأعجمي المعتاد لأن الناس لا ترحم.
ومشكلة الويكند الوحيدة أنه ينقضي سريعاً، وتنقسم وجوه العائدين منه للعمل صباح الدوام إلى نوعين:
- وجه صبوحي يفتح النفس كأن صاحبه نازل من الجنّة، تشعر برؤيته أن العالم بخير وكل شيء على ما يرام.
- ووجه واجم يحمل أسئلة كبرى يرغب في مناقشتها صباح الدوام، أسئلة عن الحياة ومغزى الوجود وماذا نفعل ولماذا نحن هنا؟ قبل أن يعود تدريجياً لحالة مقبولة مع الظهر.
استمعت مؤخراً لحوار لطيف مع كاسي موغيلنر هولمز، وهي باحثة في علم النفس، قامت بعمل دراسة على مجموعة عشوائية، وقسمتهم إلى مجموعتين:
- المجموعة الأولى: طلبت منهم أن ينظروا للويكند القادم ويتعاملوا معه على أنه إجازة حقيقية مثل إجازة الصيف وغيرها.
- المجموعة الثانية: لم تطلب منهم شيء محدد غير أن يتعاملوا مع الويكند بالشكل الذي معتادين عليه.
تابعت كايسي مع المشاركين صباح أول يوم عمل بعد الويكند، فوجدت أن الفئة الأولى (الذين طلبت منهم أن يتعاملوا مع الويكند على أنه إجازة) كانوا أكثر سعادةً بشكل واضح عن الفئة الأخرى، واستمتعوا بشكل واضح بوقتهم في الويكند.
بحثت كايسي عن أسباب اختلاف مستوى السعادة بين الفئتين صباح العمل؟ فيما يخص الفرق بين أنشطة الويكند، فقد كانت الاختلافات بسيطة لا تكاد تذكر؛ الفئة الأولى مثلاً قضت وقت أقل بقليل من الثانية في أعمال المنزل، وقت أقل في مهام عملية، استغرقوا وقت أطول مع العائلة حول مائدة الطعام. لم تكن كمية ونوع الأنشطة سبب اختلاف مستوى السعادة بين الفئتين.
ترى الباحثة أن السبب هو "العقلية Mindset". فالفئة الأولى، وبسبب أنهم كانوا يتعاملون بعقلية "الإجازة" مع الويكند:
- كانو أكثر تفاعلاً Engaging في كل الأنشطة التي مارسوها سواءً بشكل منفرد أو مع عوائلهم وأصدقائهم
- كانوا أكثر حضوراً ويمكن ملامسة واستشعار حضورهم الذهني
- كانوا أكثر تركيزاً في أنشطتهم ومع من حولهم
- كانوا أقل تشتيتاً، لم يفكروا بعمق في العمل الذي ينتظرهم والمستقبل أو مشاكل الماضي
لماذا كان تغيير العقلية له ذلك التأثير القوي؟ تظهر الأبحاث أن التباطؤ وإيلاء المزيد من الاهتمام لما يحيط بك، والنشاط الذي تقوم به، والأشخاص المشاركين فيه، يسمح لك بالاستمتاع بما تفعله أكثر.
زيادة انتباهك إلى اللحظة الحالية يجعلك أكثر حساسية واستشعاراً تجاه الملذات الموجودة بالفعل في البيئة من حولك. يساعدك على تذوق التجارب والحياة أكثر قليلاً.
ذلك الحضور الملموس، ذلك التركيز في اللحظة، ذلك التفاعل، كل ذلك.. تسبب في رفع مستوى جودة وقتهم في الويكند، وبالتالي ظهرت ملامح السعادة عليهم صباح الدوام لأنهم استشعروا قضاء ويكند سعيد بالفعل.
دائماً، "العقلية" و "التفاصيل الصغيرة" هما ما يصنع الفرق..