هل يجب أن نسعى للحصول على محبة الناس والقبول؟
بشكل غريب وساذج، يحصل ونحن في غمرة انشغالنا ومعاركتنا جوانب حياتنا وعملنا أن نسهو ونخلط بين الهدف والوسيلة والنتيجة. نتعلّق بالوسائل والنتائج ونتمسك بها وننسى أن ما يجب أن نتمسك به ونركز عليه هو الأهداف.
النتيجة تأتي بعد تحقيق هدف تصل له عبر وسيلة معينة. رغم أن الجملة تبدو بدهية وبسيطة ولكن في كثير من الأحيان يحصل خلط غريب لدينا في الترتيب. تركيزنا يجب أن يكون على تحقيق الهدف الصحيح، لأن النتيجة ستأتي بعد تحقيقه عبر الوسائل المناسبة.
تملّك جسد صحي وقوي هو نتيجة، الوصول للوزن المثالي هو هدف، الرياضة والأكل الصحي هي وسائل.
الشعور بالأمان المادي هو نتيجة، الوصول لمستوى دخل جيّد هو هدف، الإخلاص في الوظيفة واكتساب المهارات وربما عمل مشروع جانبي هي وسائل.
محبة الناس والقبول هي نتيجة، تحقيق أثر يلامس احتياج الناس هو هدف، عمل مشروع أو السعي في حاجة الناس هي وسائل.
الوسائل هي أدوات يجب أن نشعر بحرية التخلي عنها إذا وجدنا أنها لا تقودنا للأهداف. إذا وجدت أن رياضة معينة لا تساعدني في الوصول للوزن المثالي فلا بأس من التخلّي عنها وتجربة رياضة (وسيلة) جديدة. إذا وجدت أن وظيفتي أو مشروعي الحالي لا يساعداني في تحقيق أهدافي المادية، فربما يجب أن أفكر بجدية في التخلي عن الوظيفة/المشروع وتجربة شيء بديل. التعلّق بالوسائل لأننا استثمرنا فيها وقت وجهد ربما يجعلنا نراوح في مكاننا مدة طويلة قبل أن نستفيق على واقع خسائرنا!
النتائج كذلك هي شيء خارج عن تحكمنا، وهي تأتي بعد تحقيق الأهداف. التركيز الزائد على النتيجة ربما يجعل المرء ينسى الهدف الذي كان يرغب في الوصول له لتملّك تلك النتيجة. لا يصحو المرء من النوم ليقول لنفسه أريد تملّك جسد صحي وقوي بل هل أنا في طريقي لتحقيق الوزن المطلوب؟ ولا يقول أريد أن أشعر بالأمان المادي، بل هل خطتي المالية تسير على ما يرام؟ ولا يقول لنفسه أريد أن أشعر بالقبول ومحبة الناس، بل هل مشروعي ذو أثر وتأثير؟ النتائج هي المحصلّة.
التعلّق بالنتائج وتناسي الأهداف ربما يقود البعض لتصرّفات غريبة إن لم تكون جنونية. تصرّفات مشاهير السوشل ميديا والساعين للشهرة تشير مثلاً لهوسهم بالحصول على قبول الناس وإعجابهم ومحبتهم مما يجعلهم يستخدمون أي وسيلة للوصول لأي هدف لتحقيق تلك النتيجة. الهوس بالشعور بالأمان المادي ربما يقود البعض لاستخدام وسائل غير أخلاقية (فساد ورشوة وسرقة) للوصول لأهداف مالية معينة. الهوس بتملّك جسد صحي ربما يقود البعض لممارسات صحية وغذائية مضرّة تقوده لأي هدف يتوقع أنه سيشعره بالنتيجة.
هناك قاعدة في عالم الأعمال تقول “تعلّق بالمشكلة وليس الحل”. الوسائل قابلة للتغيير، الأهداف هي الجوهر، والنتائج ستأتي لاحقاً. السؤال هو: بأي منها أنت متعلّق؟ ربما عليك التفكير ملياً..