في حب أبحر، ولماذا لم أنتقل إلى الرياض!
بنيت منزلي في "أبحر الشمالية" قبل 12 عاماً، اخترت قطعة أرض قريبة من أطول برج في العالم تحت البناء آنذاك، تعثّر البرج، وأظنه مات، ولكن جمال الحيّ ازداد مع السنوات، وازددت عشقاً له. كانت المنازل والخدمات والمرافق العامة قليلة جداً وقتما نزلت، واليوم أصبحت منطقة جميلة ممتلئة بالحياة والسكّان والمرافق العامة المميزة.
على بعد 10 دقائق، هناك شاطئ أبحر الجديد، أعادوا تصميمه ليصبح نسخة مصغرة من واجهة جدة البحرية البديعة. يمكنني الذهاب للشاطئ بالدراجة إن أردت، وهناك أقضي ساعتين في القراءة والهدوء، أو المشي المطول على شاطئ البحر.
على بعد 10 دقائق، سيتم افتتاح مكتبة عامة جديدة العام القادم. يتملكني حماس وانشراح كلما تذكرت قربها، سيمكنني زيارتها متنقلاً بالدراجة، والبقاء فيها سويعات للقراءة أو حضور فعاليات ثقافية.
على بعد 10 دقائق، هناك ملعب الجوهرة، حضرت فيه معظم مباريات الأهلي، ما عدا الموسم الماضي لا أعاد الله ذكراه. ومقابل الملعب اُفْتُتِح مول جديد، وفيه مكتبة جرير، أمرّ عليها بين حين وآخر إذا وجدت في موقعهم على الإنترنت أنهم يبيعون كتاباً معين أبحث عنه.
على بعد 10 دقائق مشياً من منزلي، هناك صالات سينما جديدة، شاهدت فيها البارحة "Dune: Part Two"، عمل عظيم، ساعتان ونصف من التحليق في عوالم الدهشة على سطح كوكب يشبه المرّيخ. في المجمّع نفسه يقع المقهى المفضل بالنسبة إلي.
على بعد 3 دقائق هناك مركز طبي خاص متكامل، يحتوي على جميع العيادات، وعلى بعد دقائق منه هناك المستشفى الحكومي الأحدث والأكبر في جدة.
على بعد 3 دقائق، هناك النادي الرياضي الذي أزوره ثلاث مرات في الأسبوع. هناك ثلاثة نوادٍ للرجال ومثلها للنساء في الحي.
على بعد 3 دقائق، تسكن والدتي، طارق، أختي الكبرى، إثنان من إخوتي. اقتنعت العائلة بالانتقال إلى أبحر على مراحل وسنوات، بعدما كنت الأسبق بينهم. سكن والدتي بجانبي يسمح لي برؤيتها باستمرار، والاستمتاع بالجلوس معها، كلما تكدّرت تذكرت هذه النعمة الكبرى في حياتي، وزال الكدر برؤيتها.
أغادر أبحر صباحاً إذا رغبت في التوجه للمكتب، وأعود قبل العصر، يندر جداً أن أغادر الحي بعدها. أن تكون جسدياً بصحة وخير وعافية، نفسياً وذهنياً في وضع مستقر، أمورك المالية مستورة، تعيش يومك بين أهلك وأحبتك، قريباً من والدتك والبحر والمكتبة والنادي والمقهى ومباريات الأهلي، فتلك نِعَم كبرى لا تقدّر بثمن، وسبب رئيسي لعدم انتقالي إلى الرياض.