أهلاً 2020، عام الروقان وكذلك المفاجآت الكبرى والحصاد الكبير!
وأخيراً وصل 2020، ها نحن أحياء نستنشق الأوكسجين فوق سطح هذا الكويكب التافه الذي يقال لنا أنه الوحيد الصالح للحياة حتى الآن. سنشعر بخجل كبير لو قدّر لنا أن نرى الفضائيين وهم يضحكون علينا عند سماعهم لنا نردد هذا الكلام كحقيقة مطلقة. على العموم وصل العام الجديد، فماذا أنا فاعل به وفيه؟
سألت في نهاية العام الماضي الأصدقاء في تويتر عن مقترحاتهم لتسمية 2020.
وردني كثير من الاقتراحات التي تنطلق من رؤية وتوقعات أصحابها للعام الجديد. أمّا أنا فقد أطلقت عليها “سنة المفاجآت الكبرى، والحصاد الكبير” بما يخص أحداث المنطقة والأحداث العامّة ككل. وها قد بدأت بهلاك خادم الشيطان، المعروف ب قاسم سليماني، وهو حدث عظيم وبشارة خير بدون شك. مفاجأة كبيرة وحصاد كبير في صالحنا، والعاقل يأمل ويدعو الله أن تكون كل الأحداث في صالحه ولكنه لا يتوقع أن تكون جميعها كذلك.
أمّا على المستوى الشخصي، فقد أطلقت على 2020 مسمّى “عام الروقان”. لو قدّر لي أن أنتزع سنة واحدة من ذاكرتي من بين جميع سنوات عمري وأنساها، لاخترت 2019 بدون تردد. كانت قاسية بما يكفي لأن أجعل ما بعدها سنة للروقان.
يقال أنّ الحرب العالمية الثالثة ستنطلق قريباً، وكأنّ ذلك يهمّني. بما أننّي رواقي الهوى، فقد أقنعت نفسي بالأسوأ منذ 5 سنوات، وهو ما سمح لي بالتحررّ من القلق والخوف، وتشرّبت الإقدام على الحياة والإنجاز.
وبالتالي جميع الأحداث والأخبار ستبقى هامشية بالنسبة لي، مهما كانت تبدو سيئة ومخيفة للناس. اكتسبت بالقصد والترّصد مع الوقت قلب ميّت تجاه الأحداث، ولكنه حيّ تجاه الحياة. لا أعتقد هناك طريقة للمضي قدماً بغير ذلك.
بعد مغادرة رواق، سيخفّ الجانب العملي في حياتي بشكل كبير. خطّتي في 2020 لن تختلف كثيراً عن سابقتها، وغالباً ستكون لتثبيت روتيني الناجح والإضافة عليه، بالطبع بجانب ارتباطات العمل التي ليست مكان السرد هنا:
القراءة والكتب
كتاب كل أسبوع، التزمت بذلك العام الماضي بنجاح وبالتالي يمكنني مواصلة نفس المعدّل بارتياح. أغلب الكتب ستكون سير ذاتية و روايات.
اليوغا كرياضة أساسية
كانت اليوغا على قائمة أجمل اكتشافاتي في الربع الثالث من العام الفائت. أسعى للتعمقّ فيها بشكل أكبر هذا العام والالتزام بخمس حصص في الأسبوع. ثلاث منها مع مدرّب، واثنتان بشكل شخصي. ربما أضيف رياضة جانبية مثل تنس أرضي أو غيرها من باب كسر الروتين إذا وجدت حاجة لذلك. أنوي إجراء عملية جيوب أنفية للمرة الثانية بعدما فشل العلاج التقليدي. ربما يسمح لي الوضع بعدها بخوض تجربة تعلّم رياضة الغوص التي أحلم بها منذ مدة طويلة ولكن لم أتمكن من ممارستها بسبب مشاكل صحية مع الجيوب الأنفية.
النظام الكيتوني كنظام غذائي
التزمت بالنظام الكيتوني حوالي 8 شهور من العام الماضي. الوزن ثابت تحت الوزن المثالي بدرجة. هذا العام أنوي على الأقل الالتزام 6 شهور بالنظام الكيتوني. نظام مريح للأعصاب ومؤثر في صفاء الذهن، وطارد للصداع النصفي الذي يرافقني منذ عقود.
الأفلام والمسلسلات كترفيه إضافي
فيلم متميز واحد أسبوعياً هو معدّل أكثر من رائع من تجربتي العام الماضي. ربما سأضيف إليه مسلسل واحد كل ربع سنة.
ديتوكس الناس
من النجاحات الشخصية لي في العام الماضي كان إنهاء بعض العلاقات المسمومة التي طالت مدتها. من يقدّر ذاته، عليه أن لا يجبرها على الالتزام بعلاقات تستهلك طاقته وتفكيره ومشاعره بشكل سلبي سواءً في الحياة العملية أو الاجتماعية. وجدت من التجربة العملية أن عدد محدود من الأصدقاء المقرّبين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة هو عدد كافي. لا أتذكر أسماء وعلاقات باقية يجب عليّ التخلص منها، ولا أشعر بوجود رغبة في توسيع القائمة والدخول في علاقات جديدة. الناس رائعين وستبقى تحبهم ومنفتح عليهم ما دمت تعرف أين تضع تماماً حدود الجدار الفاصل بينهم وبين مشاعرك وداخلك، ما عدا شخص أو شخصين يمكن لك أن تسمح لهم بالنفاذ.
مواصلة قول “لا” ربما لكل شيء
سرّ وجود الوقت الكافي للعمل والإنجاز ولكي أعمل ما أحب، هو جعل “لا” جوابي الافتراضي لكل شيء ممكن يشغل جزء من وقتي ولا يعود بفائدة معنوية أو عملية عليّ. من كثر ما أصبحت أقول “لا”، أشعر أنني أحسن واحد في العالم يقول “لا”، بحيث أن كل “نعم” قلتها العام الماضي لم أندم عليها.
لا لمتابعة الأخبار، لا للملتقيات والمؤتمرات فأغلبها ذات محتوى مستهلك، لا للظهور الإعلامي في أي ملتقى أو برنامج أو بودكاست أو وسيلة إعلامية للترويج الشخصي فالمسرح مزدحم بالممثلين، لا للجلسات الاستشارية لأنها تستهلك طاقتي وتفكيري، لا للنقاشات والجدل الفكري، لا للدفاع عن أي أفكار وآراء أؤمن بها (ألقيها وأشارك بها كما هي بدون نقاش ودفاع عنها)، لا للانضمام لأي تجمّعات أو مجموعات في أي مجال، لا للمشاركة في أي حملات جماهيرية عبر تويتر أو غيرها تكون ذات منحى هجومي أو دفاعي.
كل ما سبق هدفه صنع روتين مستمر على مدى العام يكون داعم للمرء في الحياة العملية للتركيز والإنجاز أكثر. كل شخص عليه وضع أهدافه وابتكار روتينه الخاص بالدخول في تجارب مختلفة حتى يصل لنموذج مناسب لشخصيته ويرتاح له. وبالطبع ما يناسبني ليس بالضرورة يناسب غيري، والعكس صحيح. لا يوجد حل سحري وصحيح يناسب الجميع، ولكن المهم أن يجتهد المرء لفهم ذاته واحترامها، وبالتالي لا يفعل إلا ما يؤمن به بدون أن يجبر نفسه على ممارسة وتبني ما يعرف بداخله أنه لا يناسبها.