فؤاد الذي يضيّع أشياءه، أو أنها تهرب منه..
علاقتي مع أشيائي علاقة بسيطة، تدوم علاقتي مع أشيائي ما دامت تعمل على النحو المتوقع منها. إن أصيبت بعطبٍ ما، ولكنها تحاول أن تعمل جزئياً رغماً عنه، فهذا لا يمنع استمرار العلاقة بيننا، وعدم قطع حبل الود من طرفي. ولكني لاحظت مؤخراً شيئاً ما بيني وبين أشيائي.
سماعة Airpods عمرها 4 سنوات، انتهى عمرها الافتراضي، تعطل المايكروفون فيها، ولكن الصوت يعمل بشكل جيد. واصلت استخدامها رغم مرضها، استخدم مايكروفون اللابتوب إذا دخلت اجتماع أونلاين، وأسمع منها.
نسيتها قبل فترة في المقعد الخلفي من سيارة كريم في الكويت، تتبعتها عبر تطبيق Find my، واتصلت بالسائق عبر الشركة، ولكنها نفى وجودها لديه، لم أدقق كثيراً.
قبل ثلاثة أعوام، أهدتني رغد سماعات أبل الضخمة AirPods Max في عيد ميلادي، سماعات جيدة ولكنها ثقيلة على الرأس. ولكن لأنها هدية من رغد، استخدمتها منذ ذلك اليوم، رغم أنّها كالجبل فوق رأسي.
قبل أسبوعين نسيتها في مقهى الحي هنا في أبحر، تذكرتها بعد أيام. تتبعتها عبر تطبيق أبل، فوجدتها قد وصلت إلى منطقة في أقصى جنوب شرق جدة، ابتسامة ارتياح ارتسمت على محيّاي.
في الصيف الماضي اشتريت نظارة شمسية، أعجبتني وقت تجربتها في المحل. كنت متصالحاً معها، حتى اكتشفت أن مقاسها غير مناسب، بعدما جربت بالصدفة نظارة بإطار مختلف، لم أفاتحها بتغير مشاعري.
بالأمس بحثت عنها في السيارة والمنزل ولم أجدها، لا بُدَّ من نظارة جديدة إذن!
ثلاثة من أشيائي فقدتها الشهرين الماضية، لم أكن مرتاحاً مع أي منها، ولكن لم تتوتر العلاقة بيننا لدرجة تجعلني أرى القطيعة قراراً مبرراً. في الحالات جميعها كنت مسروراً بعد فقدانها، فقد حان الوقت لاستبدالها بشيء أفضل وتجديد الدماء.
علاقاتي مع البشر لا تختلف كثيراً، أحاول بقدر المستطاع إبقاء حبل الود مع الآخرين مستمراً، حتى وإن كان بهم عيوب لا تجعل العلاقة مثالية، فأنا على يقين بأنني لا أخلو من العيوب، وعليّ الصبر على العالم ما دام لم يتجاوز خطوطي الحمراء، مثلما هو على العالم أن يصبر عليّ.
لو قطعت كل علاقة لأن الطرف الآخر ليس كما أتمنى في التعامل معه، لما بقي لي علاقات.
أما إذا انتهت علاقة ما بسبب أن الطرف الآخر اختفى أو هرب لسبب يخصه، فلا بأس في ذلك، فهي فرصة للتخفيف وتجديد دماء العلاقات، وفي الغالب شعور الراحة هو ما يتملكني.
والآن، حان وقت العودة إلى سماعات Bose، عذراً رغودي..