تخطى الى المحتوى

حتى لا نقع في فخ الشعور بالندم من حيث لا نعلم..

فؤاد الفرحان
فؤاد الفرحان

شاهدت اليوم مقطع واتساب قصير وصلني لشخص يتحدث بحسرة على أنه لم يكن أكثر جرأةً في مقتبل عمره على خوض تجارب وأمور كانت تستهويه. الشعور بالحسرة هو شعور لا يسلم منه أحد وهو يخوض غمار حياته. شعور طبيعي مثل باقي المشاعر التي تكتنفها النفس البشرية، ونمر بها بعد الدخول في بعض التجارب أو تفويتها.

لدى علماء النفس تفسيرات مختلفة لثلاثة أمور تبدو متطابقة ولكنها مختلفة برأيهم وهي: الشعور بالذنب (Guilt)، و الندم (Remorse)، و الأسف (Regret).
بعضهم يرى أن الشعور بالذنب لا يعني بالضرورة أن يترافق معه شعور بالندم والأسف. تشعر بالذنب أنك لم تفعل شيء كان يتوجب عليك فعله، أو فعلت شيء لم يكن من الصحيح فعله. الشعور بالذنب ممكن يصيب شخص طبيعي في العمل، وكذلك لص تم القبض عليه.
الندم شعور أعمق يتشكّل بعد اكتمال وعي المرء بحجم المشكلة ونتائجها، ينتج عن الندم مشاعر متعاطفة للمرء تجاه نفسه أو تجاه طرف متضرر من شيء عمله تجاهه وكان خطأ أو لم يفعله وكان يتوجب عليه فعله. الندم يدفع المرء للإعتذار وربما طلب الغفران. الشعور بالذنب لا يصل لهذه المرحلة. الندم شعور ثقيل جداً وله تبعات.

هناك مقولة بسيطة ومباشرة وعميقة لروزفلت تقول:

افعل ما تستطيع فعله، بما هو متوفر لديك، حيث أنت الآن (Do what you can, with what you have, where you are).

عند خوض أي تجربة عملية جادّة وذات أهمية للفرد (في الوظيفة أو المشروع الريادي أو علاقة اجتماعية)، عليه أن يعطيها كل ما لديه من اهتمام وتركيز ووقت حتى تنجح. فإذا نجحت، فهذا المأمول. ولكن إذا فشلت، فسيختبر شعور نفسي مزعج يتراوح بين الشعور بالذنب وبين الشعور بالندم، بحسب التجربة وسياقها. كيف يستطيع المرء منع الشعور بالندم وما يأتي بعده، إذا كان فعلاً ليس هناك استحقاق للشعور بالندم؟

بعيداً عن التعقيد، بعد فشل تجربة ما، ممكن يراجع المرء نفسه ويسألها ثلاثة أسئلة مستوحاة من مقولة روزفلت:

هل فعلت كل ما أستطيع فعله؟
إذا كنت مقتنع أنني أعطيت كل ما أقدر عليه من اهتمام ووقت وجهد فقد تجاوزت السؤال الأول.

هل استغلّيت كل الموارد التي كانت بين يدي؟
بالميزانية التي استطعت توفيرها، وعدد أفراد الفريق الذي كان معي، إلخ.. هل استغليت كل الموارد؟ إذا كان هذا ما حصل بالفعل، فقد تجاوزت السؤال الثاني.

هل كنت عند خوض تجربتي واعياً بالسياق المكاني والزماني والثقافي الذي أعمل فيه؟
هل كنت أتصرّف بوعي بالمكان الذي أخوض تجربتي فيه (أم كأنني مقيم في سليكون فالي)، في محيطي الثقافي والعائلي (وليس في مجتمع غربي بثقافة مختلفة)، في الزمن الذي أعيش فيه (وليس كأنني أعيش  في زمن قبل 15 عام أو في المستقبل).

إذا وجد المرء أنه فعل كل ما كان يستطيع فعله، بالأدوات والموارد المتاحة لديه، واعياً بالسياق الذي يعيشه، ولم ينتج عن ذلك نجاح تجربته، فالمفروض أن لا يشعر إطلاقاً بالندم. ربما شعور مؤقت بالذنب أنه لم يعمل خطوة ما أو أنه عمل شيء لم يكن من المفروض عمله. يعالج هذا الشعور بشكل ما سريعاً، ويتجاوز التجربة بسرعة إذا قدر. لا يحمّل الموضوع أكثر مما يحتمل.

ما دام الإنسان مقدم على الحياة ويخوض تجارب، فالخطأ والتقصير والفشل متوقع ومحتمل. المهم أن يعطي كل تجربة حقها من الجهد والتركيز ويعمل بالموارد المتاحة وضمن السياق الذي يعيش فيه. إذا فشل فسيشعر ببعض الخيبة، ولكن لا تصل للندم الذي ربما يقوده للإنكفاء والاستسلام.


تدوينات أخرى

للأعضاء عام

في حب أبحر، ولماذا لم أنتقل إلى الرياض!

بنيت منزلي في "أبحر" قبل 12 عاماً، اخترت قطعة أرض قريبة من أطول برج في العالم، تعثّر البرج، وأظنه مات، ولكن جمال الحيّ ازداد مع السنوات

في حب أبحر، ولماذا لم أنتقل إلى الرياض!
للأعضاء عام

أفضل جهاز للقراءة الالكترونية لم يعد الكندل، أهلاً بالأنيق Palma

اعتدت كل عام أن أهدي نفسي شيئاً ما مميزاً في عيد رمضان، وهذا العام كنت محظوظاً بشدة عندما اشتريت هذا الجهاز البديع.

أفضل جهاز للقراءة الالكترونية لم يعد الكندل، أهلاً بالأنيق Palma
للأعضاء عام

ما هي الضغوط التي يواجهها حارس روضة أطفال في الخرخير؟

إن مسيرة المؤسسين هي سلسلة متصلة من الأزمات والصداع والقلق المستمر، هي مسيرة مواجهة تحديات وحلّها، تحديات تطوير المنتج/الخدمة على نحو مناسب للسوق، تحديات الوصول للعملاء وإقناعهم، تحديات استقطاب الموظفين المناسبين، تحديات إقناع المستثمرين، وتحديات التوسع المناسب في سرعته وشكله لإمكانياتهم وقدراتهم.

ما هي الضغوط التي يواجهها حارس روضة أطفال في الخرخير؟