رحلة نيوزلندا (10) - يونيو 2024
بعد كرايستشيرش، توجهنا إلى أحد أجمل المناطق في نيوزلندا؛ بحيرة Lake Tekapo. مجموعة من الجبال الشامخة تحيط وتحتضن هذه البحيرة الفائقة الجمال. لا يوجد شيء تعمله هنا غير التأمّل في بديع صنع الخالق، والذهاب في رحلات مشي حول البحيرة والمنطقة المحيطة بها.
نزلنا في هذا السكن البديع، سعره رائع مقارنةً مع أوقات ذروة السياحة في البلاد، وتعشينا من مطعم بيتزا متخفيٍ على شكل عربة. صاحبة الفوودترك أظهرت حرصاً إضافياً على تنظيف فرن الفحم عندما علمت أنني مسلم، قالت لي بأن أفضل صديقاتها مسلمة.
في اليوم التالي، حققت أحد أهم أهدافي في هذه الرحلة، وهو السير في وادي Hooker Valley.
يوصف هذا الوادي بأنه الأجمل في العالم، وأنه الوادي الذي سقط من الجنّة. المؤكد أن في الجنّة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولكن لا أظن على وجهة الكرة الأرضية بقعة أجمل من هذا الوادي وأكثر تنوعاً.
ساعتان من المشي ذهاباً، حتى وصلنا نقطته النهائية، كانت بحيرة جليدية تستحق المشوار، ثم ساعتين في طريق العودة، وهذا يعني مضاعفة جرعة الذهول. لو توقفت لأخذ صورة لكل مشهد أعجبني لانتهى اليوم، ولم نقطع ربع المسار. أربع ساعات (10 كم) من المشي في أحضان وادي يجعلك تشك في أنك انتقلت إلى كوكب آخر.
الكثير من الأفكار والذكريات والهواجيس تتلبسك لا إرادياً طوال السير في هذا الوادي، التأمّل في مسيرتي العملية والشخصية والعائلية حتى اليوم، الكثير من الذكريات والمواقف التي مررت بها ولا تُنسى، زارتني ذكرياتي مع الرفيق الحبيب عبدالعزيز الغامدي رحمة الله عليه. لم أعرف محباً وعارفاً بالطبيعة وأنواع الأشجار والنباتات والجبال مثله، وكم كنت أتمنى لو سمحت لنا الظروف في خوض رحلة كهذه معاً، ولكن قدّر الله ما شاء ولا راد لقضائه، واسأله أن يجمعنا به في جنان الخلد.
شعوري طوال السير في هذا الودي كان بلا ندم، ولا حسرة، ولا تأسّف، فقط تأمّل وتفكّر مجرّد من تعذيب الذات، فنحن حقيقةً لسنا سوى مخلوقات ضعيفة وتافهة بدون لطف وحكمة وتدبير الرحمن الرحيم.
أقترح البحث في يوتيوب عن مقاطع احترافية توثق جمال هذا الوادي لرؤية التفاصيل.
