هل هناك حب غير مشروط؟

استوقفني حديث قصير لسيدة في مقطع فيديو عن الحب، قالت إن المرء لن يشعر بالسعادة الحقيقية حتى يتبنّى “الحب غير المشروط” تجاه العالم، وبذلك تتحرر روحه.
يعرّف الغربيون “الحب غير المشروط” بأنه “حب ليس له حدود ولا يتغير، لا يخضع لأي مؤثرات مالية أو مادية أو مصالح أخرى، فهو حب خالص للمودة والوفاء، حب من أجل الحب”.
أنا متأكد أن والدتي تحبني حباً غير مشروط، وأنني أحب عائلتي حباً غير مشروط. ما عدا ذلك، فالموضوع فيه نظر، والممكن هو الحب المشروط.
أحب شريكي في العمل، حتى يسحب عليّ.
وأحب الموظف عندي حتى يهدد بالمغادرة إن لم يرتفع راتبه.
وأحب المستثمر معي حتى أراه يحاول التدخل في العمل.
وأحب جاري حتى أجده لا يحترم حق الجوار.
وأحب صديقي حتى يقترح أن نتقابل خارج أبحر.
وأحب قارئ الكتب حتى يقول لي رشح لي أفضل خمسة كتب قرأتها.
وأحب صديق الكتابة حتى يطلب مني مراجعة نص مطوّل له، أو يهديني كتابه.
والمؤكد أن الآخرين يتعاملون معي بطريقة مماثلة، تقوم على أساس أن هناك فرق بين الحب والمودة واللطف والصداقة.
أتعامل مع الآخرين على أنهم يفهمون هذه الأمور، فلا نتوقع من بعضنا البعض، ولا ننتظر من بعضنا البعض، غير التعامل بالحسنى واللطف والصداقة والمحبة بمفهومها الواسع، وهذه أمور تكفي لعيش حياة هنيئة.
أما محاولة تبني مفاهيم مثل “الحب غير المشروط” تجاه العالم، ففيها تحميل وإرهاق للنفس أكبر مما تحتمل، كما أن فيها ابتذالاً لمفهوم الحب.