من أنتم؟ عن فرق الشركة الناشئة في مراحل التحول
هناك فرق بين دراسة الفكرة، بناء واختبار الفكرة، بناء وإدارة الشركة في مراحلها الأولى، إدارة توسّع الشركة بعد الاستثمار والنمو. لا يمكن للشركة الناشئة النجاح والنمو بدون تشكيل فهم عميق لفرق عملها والموائمة بينها بنجاح.
في كتاب "إمبراطوريات الصدفة: كيف يصنع أولاد السليكون ڤالي ملايينهم وينافسون بشراسة، وما زالوا غير قادرين على الحصول على موعد غرامي"، وضع صحافي التكنولوجيا روبرت كرنجلي ثلاث أنواع لشخصيات مؤسسي وفرق الشركات الناشئة: قوات الصاعقة (الكوماندوز)، القوات المسلّحة (الجيش)، والشرطة.
قوات الصاعقة (الكوماندوز)
قوات الصاعقة (فريق التأسيس) هم أول موجة في الشركة تغزو السوق حتى أحياناً قبل تأسيس شركتهم وضم الموظفين.
أحد أكبر مزايا الشركة الناشئة هي السرعة وخفة الحركة، وأفراد الصاعقة يمتازون بذلك وبالمرونة، ينقلون مشروعهم من خيال وأفكار إلى نموذج أولي بسرعة وأساليب مبتكرة وبأقل التكاليف، متحركين بأقل تعقيد بدون بيروقراطية.
كل ذلك لأجل التأكد من جدوى فكرتهم ورصد احتمالية قبولها، ولأجل تهيئة شاطئ الإنزال (Beachhead) للموجة الثانية التي ستحتل السوق.
إذا قامت الشركة واستمرت لاحقاً، فإن قوات الصاعقة يشعرون بالملل وربما يغادرون إذا خفت وتيرة الابتكار وتباطأت سرعة عمل الشركة وابتكاراتها.
يحبون العيش في جو المغامرة بشكل مستمر بغض النظر عن تغير مرحلة الشركة.
منتجهم الأولي الذي نزلوا به السوق في الغالب لا يعتبر منتج حقيقي قابل للاستدامة والتوسع، فطريقة بنائه والمنهجية المستخدمة فيه كانت لغرض اختبار السوق.
وفي معظم الحالات ستحتاج الشركة لإعادة بناء المنتج من الصفر، وفي هذه الحالة يتم الاستعانة بقوات الموجة الثانية (القوات المسلحة) لبناء منتج محترم على أسس راسخة بعد ثبوت جدوى الفكرة والاستثمار فيها.
القوات المسلّحة (الجيش)
أفراد وضباط القوات المسلحة هم ثاني موجة في الشركة الناشئة تنزل السوق بعد قوات الصاعقة التي اختارت شاطئ الإنزال وجهزته لهم.
يعلنون عن تواجد الشركة الناشئة في السوق بشكل جاد، ويعملون بخطط وانضباط ومنهجيات توسع وإمداد.
يستلمون المنتج الأولي الذي صممه المؤسسين ويختبرونه بطريقة أكثر احترافية، يتحققون من افتراضات جديدة أخرى، يحسّنون المنتج بشكل ملحوظ، يوثقون السياسات والإجراءات، يرسّخون منهجية الدعم وضمان الجودة.
يفعلون كل ما تكره قوات الصاعقة عمله، يقومون بالعمل التقليدي المطلوب الذي تحتاجه الشركة حتى تتأسس وتتوسع بشكل سليم.
هذه الموجة هي من يصل بالشركة للربحية ويتحملون مسؤولية ذلك.
يعمل أفراد القوات المسلحة بجانب قوات الصاعقة، ولكن في الغالب لفترة مؤقتة، حتى يتمكنون من تثبيت أنفسهم وضمان استقرار الشركة.
الشرطة
تتقدم القوات المسلحة وقوات الصاعقة إلى مناطق جديدة، ويحتلون مزيداً من الأراضي، فيظهر الاحتياج لأن يقوم أحد ما بحفظ وترسيخ الأمن في المناطق المكتسبة.
وهنا يأتي دور الشرطة لضبط الأمن والنظام. تركيز أفراد الموجة الثالثة هذه ينصب على جعل نمو الشركة يعتمد على زيادة الموظفين والكفاءات وتحسين النموذج المالي وتقليص التكاليف.
يكره أفراد الشرطة فكرة غزو أراضي جديدة وتوليد منتجات وأفكار جديدة، ويفضلون التركيز على المحافظة على الأراضي المكتسبة وتعظيم الأرباح، بعكس هوى وطبيعة أفراد قوات الصاعقة والقوات المسلحة.
الشركة الناجحة تحتاج جميع القوات
قوات الصاعقة بمغامرتهم الجريئة يثبتون أن فكرتهم جيدة ونجاحهم ممكن، بدون مغامرتهم وتضحياتهم ما كان سيكون هناك شركة من الأصل.
القوات المسلحة تحت قيادة المؤسس الناضج هم من يحقق النجاح الحقيقي عبر تأسيس وترسيخ الشركة في الطريق، ووضع خططها وإجراءاتها واستقطاب الكفاءات وبناء النموذج التشغيلي والمالي القوي.
قوات الشرطة تحافظ على المكتسبات وتحميها وتعمل على ضمان الاستقرار.
إدارة مرحلة التحول سر نجاح ونمو الشركة
أسباب فشل الشركات الناشئة متعددة، وأحدها هو الفشل في إدارة مرحلة تحول الشركة الناشئة لتصبح شركة كبيرة.
تميل شخصية المؤسسين في العادة لأن تكون شخصية مغامرة (قوات الصاعقة)، وإذا لم يتمكن المؤسسين من تطوير شخصياتهم لتصبح شخصية قائد الجيش مع نمو شركتهم، فإن مشروعهم سيواجه ربما الوفاة المبكرة، ليس بسبب فشل فكرتهم وخدماتهم، ولكن بسبب فشلهم في إنشاء شركة حقيقية.
وفي نفس الوقت، فإن انتقال المؤسسين إلى شخصية الشرطي (الموجة الثالثة) سيؤدي لقتل الابتكار وإيقاف النمو.
يرى كرنجلي أن أفضل القادة هم قادة الموجة الثانية؛ يستطيعون تكوين القوات وتكييفها، يرسمون خطط للحرب (ليس لمعركة نزول الشاطئ فقط)، ويربطون بين فريق التأسيس (الموجة الأولى) وفريق الشرطة (الموجة الثالثة)، ويحافظون بقدر استطاعتهم على الجميع وعلى روح الحماس.
المؤسسون الناضجين يعرفون هذه الحقائق ويبدّلون الأدوار ويتقاسمونها بشكل يدفع الشركة للنجاح والتوسع والاستمرارية.